سريلانكا جزيرة الأحلام
بطبيعتها الخلابة وشواهدها التاريخة العريقة تعتبر سريلانكا إحدى أكثر الوجهات السياحية شعبية في آسيا. فكل شيء على هذه الجزيرة الاستوائية الصغيرة يرد الروح! طبيعتها جميلة إلى أبعد الحدود، وأهلها مبتسمون وطيبون، وطعامها من ألذّ ما يكون… وعلى الرغم من ذلك، ترى أنها بدأت تتخذ لنفسها موقع على خارطة السياحة العالمية مؤخراً فقط، فهذا البلد الجميل لا يزال يعمل على إعادة إحياء نفسه، ويتعافى من آثار حرب أهلية دامت حوالي الإثني عشر عاماً .
خلال السنوات الأخيرة بدأ السريلانكيون يعملون على تطوير البنية التحتية للدولة، لتتمكن من استقبال الكم الهائل من السياح.
اليوم الأول في سريلانكا
وصلنا إلى سريلانكا في الصباح الباكر، وما أن حطت قدمنا على أرض مطار كولومبو المتواضع حتى أخذنا فكرة عن الحالة الاقتصادية الصعبة للبلاد، فالمطار يشكل مقدمة واضحة إلى ما يمكن توقعه في الطرقات الموصلة إلى مختلف مناطق الدولة.
إتفقنا مع دليلنا السياحي بأن ننطلق في رحلتنا مباشرة بعد تناول الفطور في كولومبو. وكانت محطتنا الأولى مدينة سيجاريا حيث ملجأ “أوداوالا” للفيلة اليتيمة. خصصت حكومة سريلانكا هذا الملجأ لرعاية وتربية الفيلة البرية اليتيمة التي ييتم العثور عليها في غابات الدولة.
يضم الملجأ أكبر قطيع فيلة في الأسر في العالم، حيث يصل عددها إلى حوالي 90 فيل تتراوح أعمارها ما بين 6 أشهر و 40 عاماً .
خلال تجوالنا في الحديقة تمكنا من التعرف على الروتين اليومي للفيلة وسُمح لنا بالمشاركة في إطعام الفيلة الصغار من زجاجة الحليب، وأخيراً تمكنا من رؤية الفيلة وهي تلعب وتسترخي في مياه النهر.
على مقربة من الملجأ، تقع الحديقة الوطنية، وهي أشبه بجولة سفاري، لذا قررنا أن نغتنم الفرصة ونزورها.
صعدنا في سيارة “بيك أب” مكشوفة، ذات مقاعد عالية موضوعة على الجزء المكشوف من السيارة، ليتمكن الركاب من رؤية الحيوانات من على بعد. رافقنا في السيارة دليل سياحي خاص، راح يشرح لنا عن كلّ ما نراه.
مشهد الحيوانات البرية وهي تتجول في أرجاء هذه الحديقة وبحيراتها المائية كان مشهداً طبيعي لا يمكن ان أنساه. فأنا لم أر هذه الحيوانات في موطنها الأصلي إلا في أفلام الكرتون.
فهنا رأينا الفيلة والجواميس البرية ترعى جنب إلى جنب مع النمور، ورأينا التماسيح التي كانت تختبئ محاولة الحصول على فريسة لتأخذها لصغارها! كلّ شيءٍ كان على طبيعته، ويا لها من طبيعة رائعة!
بعد الفراغ من الحديقة الوطنية أكملنا الرحلة شرقاً باتجاه مدينة كاندي. كاندي هو الاسم الانكليزي لمدينة سها وفار الواقعة في وسط تال كاندي المزروعة بالشاي ومجموعة من البحيرات الرائعة .
يحرس المدينة تمثال عملاق لبوذا يشرف على معبد السن Temple pf the tooth المقدس والذي يُعتبر من أهم أقداس أماكن العبادة والحج البوذي في العالم. وكما لكم أن تتوقعوا فقد اكتسب المعبد إسمه كونه يحتضن سن بوذا.
بحلول المساء تجولنا في شوارع كاندي المزدحمة بالمارة والحافلات والدراجات. تجولنا في السوق، واشترينا بعض التذكارات. تعتبر كاندي سوقاً رائج للتماثيل الخشبية والتحف اليدوية، وبشكل خاص الفيلة التي تحتل جانب مهم من هذه المنحوتات التي يقبل عليها السياح بكثرة.
على مقربة من معبد السن متعنا ناظرينا بعروض الفولكلور المحلي، حيث العروض الراقصة والموسيقية.
كان العرض مميز بكل معنى الكلمة، فتنوعت الرقصات والأدوات الموسيقية من طبول وأبواق، أما حركات الراقصين بأزيائهم الشعبية التراثية فعرفتنا بحضارة وتاريخ سكان الجزيرة، فيما كانت نهاية الحلقة الراقصة، مع الرقصات الغريبة والخطرة بعض الشيء كنفخ النار في الهواء والسير حفاةً على الجمر دون أن يبدو عليهم الألم!
اليوم الثاني في سريلانكا
بعد الفطور، وقبل أن نترك مدينة كاندي، كان لا بد لنا من أن نقوم بزيارة خاصة إلى أهم أعلام الإرث العربي في سريلانكا، لذا قمنا بزيارة متحف الزعيم المصري أحمد عرابي، الموجود في كاندي. وقد كان الإنتداب البريطاني قد نفى أحمد عرابي ومجموعة من رفاقه إلى جزيرة سيلان، بعد فشل ثورته.
المتحف عبارة عن منزل من طابقين يضم تمثالاً كبيراً للزعيم عرابي وصور فوتوغرافية ولوحات زيتية لمختلف مراحل حياته، وغيرها لرفاقه الذين كانوا معه في المنفى.
توجهنا جنوب نحو جالي Galle وهي ميناء سريلانكا القديم. وفيها أقمنا في فندق جيت وينغ لايت هاوس والذي يوفر أروع عرض للغروب في جالي.
يعيد التجول في شوارع جالي الزائر إلى ماضي هذه المدينة، التي ما زالت تحمل بصمات غزاتها السابقين، فأبنيتها تعتمد الطراز البرتغالي، والهولندي، والبريطاني، وهي القوى التي تناقلت حكم هذه المدينة الهامة.
خلال تجوالنا في قلب المدينة تعرفنا على قلعة جالي الأثرية. والتي تعتبر نصب تاريخي وأثري ومعمارياً ،وهي قلب المدينة النابض بالحياة. وعلى الرغم من قدمها إلا أن القلعة لا تزال تحافظ على شكلها، حيث تقوم الحكومة السريلانكية بإعادة ترميمها بشكل مستمر، ونظراً لأهميتها فقد تم إدراجها على لائحة التراث العالمي لليونسكو.
خلال وجودنا في محيط القلعة زرنا المتحف الوطني، المُقام في مبنى قديم على الطراز الهولندي، والذي يضم بعض المحفوظات الأثرية القديمة، وبعض الأقنعة التقليدية ويُعرّف بالبضائع التي كانت تزدهر تجارتها في السابق في ميناء المدينة الوطني، المُقام في مبنى قديم على الطراز الهولندي، والذي يضم بعض المحفوظات الأثرية القديمة، وبعض الأقنعة التقليدية ويضم أمثلة على البضائع التي كانت تزدهر تجارتها في السابق في ميناء المدينة.
لدى تجولنا في السوق استوقفنا باعة الفاكهة الإستوائية على قارعة الطريق، ولاحظنا بأنّ ثمرة جوز الهند عندهم مختلفة عن تلك التي نعرفها. يسمي السريلانكيون هذه الثمرة البرتقالية اللون King Coconutوتتميز بثقلها مقارنة بثمرة جوز الهند المعتادة. ضرب البائع الثمرة بساطوره محدث فتحة صغيرة في غلافها ووضع لنا قشه لشرب الماء الحلو فيها خلال تجولنا .
كنا قد سمعنا بأن سريلانكا تشتهر بأنها أحد أفضل المواقع لمشاهدة الحوت الأزرق، لذا، اتفقنا مع الفندق، الذي حجز لنا إحدى الرحات الاستكشافية البحرية. وبما أن الرحلة تنطلق عند حوالي السادسة صباحاً ، خلدنا للنوم باكراً بعد أن استمتعنا بمنظر الغروب الرائع من الشرفة الخاصة بردهة الفندق.
اليوم الثالث في سريلانكا
غادرنا الفندق في تمام الخامسة والنصف صباحاً متوجهين إلى أحد الموانئ التي تبعد حوالي 30دقيقة عن الفندق للانضمام إلى عدد من السياح الآخرين الذين سيشاركونا رحلتنا البحرية المنتظرة.
إنطلقنا في عرض المحيط بقارب خشبي بسيط لا يكاد يقي من الأمواج العالية. وبعد مرور حوالي ساعتين على انطلاقنا وخلو مدى الرؤية من أي يابسة في أي من الإتجاهات، بدأنا بتخفيف السرعة والتمعّن في الأفق، ما استمر حوالي الربع ساعة، إلى أن حالفنا الحظ وتمكنا من رؤية مجموعة من أكبر الثدييات وهي تسبح. ومن المعروف بأن شواطئ سريلانكا موطن ل 26 من أصل 80 من أنواع الحيتان الموجودة في العالم، وأشهرها الحوت الأزرق.
بعد العودة من هذه المغامرة، وأخذ قسط من الراحة، قررنا تمضية بقية فترة ما بعذ الظهيرة على مسبح الفندق، وبالقرب من الشاطئ لنتعرّف إلى المنطقة المحيطة بالفندق.
رحنا نمشي عند الشاطئ محاولين النزول إلى الماء إلا أن الأمواج كانت عالية جداً وأعلمنا العامل في الفندق أنه من الأفضل للسياح عدم خوض غمار البحر في هذه الأجواء لأنهم مهما كانوا متمرسين في السباحة، سيستصعبون الأمر، ولن يتمكنوا من السباحة بسهولة ضد التيار، كما يفعل أهل المنطقة. تناولنا وجبة غداء دسمة في مطعم المسبح، وقضينا آخر ساعات يومنا هذا ونحن نكتسب سمرة جميلة ، ونغطس أنفسنا في مياه بركة السباحة الجميلة بينما نمتع ناظرينا بجمال الطبيعة من حولنا، وأشجار نخيل جوز الهند العالية تلوح في كلّ مكان. وأكملنا تجربتنا هذه بحبة من جوز الهند الأصفر، ونحن نتلذذ بعصيرها البارد المنعش.
تمام ككل أمسية في هذا البلد الرائع، قررنا ختام أمسيتنا بالاسترخاء في الغرفة، وتناول بعض الشاي السيلاني مع بعض من الكعك الذي تركه لنا فريق الفندق في الغرفة.
من على شرفة غرفتنا، وتحت ضوء القمر المتكسّر على الأمواج، ودعنا هذا المكان الرائع ، ونحن على ثقة بأننا سنلتقي مجدداً.
نصائح لزوار سريلانكا
ينصح السائح بالاتفاق مع أحدى شركات السفر والسياحة قبل الوصول إلى هناك، نظراً لوعورة الطرق الداخلية وصعوبة الاستدلال فيها لندرة اللوحات الإرشادية.
حذار من القردة والتي تنتشر بكثرة في كاندي، قم بإقفال باب الشرفة باحكام قبل مغادرتها، فقد تدخل القردة وتأخذ ما يحلو لها أثناء غيابك!
حتى لو كنت من ممارسي الرياضات البحرية، قم بتناول قرص من حبوب منع دوار البحر قبل حوالي ساعة من انطلاق القارب في رحلة مشاهدة الحيتان، حيث أن الدوار قد يكون سيئاً بعض الشيء خصوصاً أن أمواج المحيط تختلف في شدتّها عن أمواج البحر.
لدخول المعابد البوذية أصول وتقاليد، فالحشمة أساسية، ويمنع إدارة الظهر لتمثال بوذا إلى بعد العودة إلى الخلف حوالي الثلاثة أمتار.
لا بد من أخذ كريم واقي من الحشرات لتفادي قرص الناموس والحشرات الأخرى التي تنتشر هناك ليلًا ونهاراً.
لا بد من تغيير العملة قبل الوصول إلى سريلانكا، فهناك يصعب إيجاد صراف آلي، وأسعار صرف العملة مرتفعة جداً.
ميزانية رحلة السياحة إلى سريلانكا:
- تذكرة السفر من وإلى دبي 1000 درهم
- أجرة المرشد السياحي طوال الرحلة شاملة التنقل 500 درهم
- الإقامة في الفندق 400 درهم لليلة الواحدة
- تذكرة دخول ملجأ أوداوالا للفيلة 35 درهم
- تذكرة دخول الحديقة الوطنية شاملة المرشد السياحي 50 درهم
- تذكرة دخول متحف أحمد عرابي 40 درهم
- رحلة مشاهدة الحيتان 200 درهم
- معدل سعر الوجبة 30 درهم
- إجمالي سعر الرحلة التقريبي 3,205 درهم
قد يعجبك:
تقرأون