الدكتورة سوسن الملا: إن أكثر ما يساعد الشخص على النجاح هو حبه لما يقوم به
بعد عملها لأكثر من عشرين عاماً في القطاع الحكومي، قررت الدكتورة سوسن الملا، طبيبة الأمراض الجلدية والتجميل، تلبية نداء طموحها وافتتاح مركز سوسن الطبي لتكمل من خلاله مسيرة نجاحها الطويلة في عالم الطب. حاورنا الدكتورة سوسن فأطلعتنا على أسرار نجاحها، ومسيرتها، وطموحها، وعن مشاريعها التوعوية ونصائحها في مجال العناية بالبشرة.
لماذا قررتِ التخصص في الأمراض الجلدية، وما الذي دفعك إلى دخول هذا المجال؟
في البداية لم يكن تخصصي في الأمراض الجلدية وكنت أرغب في التخصص بأمراض النساء والتوليد، وهذا السبب الذي جعلني أدرس الطب أساساً. وسبحان الله عندما بدأت بدراسة الأمراض النسائية والتوليد لم أحب هذا التخصّص، وشعرت أن فيه الكثير من الدموية. ولكن عندما أخذت حصة عن الأمراض الجلدية في خضم دراستي، أحببت هذا الاختصاص أكثر، وشعرت بأنه يناسبني كسيّدة أكثر ويناسب شخصيتي. على الرغم من أنه وفي ذلك الوقت، أي منذ أكثر من 20 عاماً، لم يكن هناك الكثير من الوعي حول مستحضرات التجميل وكل ما له علاقة بالتجميل، إلا أنني أحببت هذا الاختصاص لأنه مثير للجدل فأحياناً قد تبدو الأمراض الجلدية متشابهة في الظاهر إلا أن تشخيصها في الواقع يكون مختلفاً، وطب الأمراض الجلدية مجال واسع جداً ولا ينتهي، وهناك دائماَ أجهزة وتقنيات جديدة. إن أكثر ما يساعد الشخص على النجاح هو حبه لما يقوم به، فإذا أحبه يبرز فيه.
كونكِ إماراتية وتعيشين في الإمارات، هل سهّل ذلك دخولك في مجال الطب، أم أنك واجهتِ بعض التحديات؟
كان الأمر شديد السهولة بالنسبة لي، فقد كانت رؤية الدولة ورؤية حكّامها من الأمور التي ساعدتني كثيراً فالشيخ زايد – طيب الله ثراه – كان يحب أن تتعلّم الفتيات، وكذلك زوجته الشيخة فاطمة، أم الإمارات. وأول ما قدّمت أوراقي للبعثة حصلت على الموافقة فوراً من الدولة لأنهم كانوا يريدون تشجيعنا، حتى أنهم أعطوني الحرية لأختار الدولة التي أريدها، فتخصصت في بريطانيا. إلى ذلك، كانت عائلتي أيضاً تشجعني، ولم يكن لديهم أي مشكلة في أن أسافر للخارج للدراسة. ومنذ طفولتي، كان أبي يرسلني إلى بريطانيا لأتعلّم اللغة الانجليزية، حيث كنت أعيش فترة ثلاثة شهور خلال الصيف مع عائلة بريطانية ثم أعود إلى مدرستي.
كيف ساعدك وجودك في دبي للوصول إلى النجاح الذي حققتِه؟
تستمرّ رؤية الدولة اليوم في تشجيع أبناء الإمارات، وهو ما يتجلّى في رؤية الشيخ محمّد بن راشد رعاه الله، والتي انتقلت إليه من ولده الشيخ راشد. وأنا درست وتخرّجت في برنامج الشيخ محمّد لإعداد القادة وتعلّمتُ من خلال البرنامج الصفات القيادية وطرق النجاح، وقد ساعدتني هذه الأمور كثيراً في مسيرتي. بالإضافة إلى أن هناك دائماً تحفيز من قبل الدولة، ودبي عموماً توفّر بيئة إيجابية، والناس يحبون أن يعملوا ويبدعوا فيها مهما كان مجالهم.
أنت إذاً طبيبة وسيدة أعمال في الوقت نفسه، ما هي رسالتك إلى السيدات الإماراتيات اللواتي يرغبن في دخول هذا المجال، أو دخول مجال الطب بشكل عام.
إن الرسالة الأولى هي أنه لا بد للجميع أن يكملوا دراساتهم، فأحياناً أقابل بعض الفتيات اللواتي يقلن لي”لا داعي لإكمال الدراسة فأنا أريد أن أتزوج”. أقول لها حتى لو كنتِ تريدين أن تتزوجي عليكِ أن تكملي دراستك وذلك لأجلكِ أنت، عليكِ أن تصلي لأقصى درجة يمكنكِ الوصول إليها. والرسالة الثانية هي أن تعتمدي على نفسكِ لكي لا تحتاجي إلى أحد إذا ما دارت بكِ الأيام، فأنتِ إنسانة مستقلّة ولكِ كيانكِ الخاص.
أما فيما يخص الطب فهناك من يقول أنهم لا يريدون أن يدرسوا الطب لأن فيه تعب، ولهؤلاء أقول أن كل شيء في هذه الدنيا فيه تعب، لكن سبحان الله التعب يهون عندما ترون النتيجة، وبكل تأكيد أنا أشجع كل سيدة على أن تنسق بين بيتها وعملها ودراستها.
كيف قررتِ افتتاح مركز سوسن الطبي؟ وما هي الخدمات التي يقدمها؟
لقد عملتُ في هيئة الصحة لمدة 22 سنة، وخلال عملي، بات لدي الكثير من المرضى الذين يحبونني ويثقون بي. كانت فكرة أن أعمل لحسابي الخاص تخوّفني قليلاً ففجأة كان علي أن أقوم بهذه الأمور بنفسي، وكانت الخطوة الأولى صعبة كأي مشروع جديد. لكن الحمد لله عندما بدأت سارت الأمور بخير وبات لدي عدداً كبيراً من المرضى وبات لدي سمعة طيبة. يقدّم المركز كافة الخدمات التي تحتاجها السيدات كالعناية بالشعر والبشرة، والميزوثيرابي، وعلاجات التنحيف، والسيلوليت، وليزر تحفيز الكولاجين، وعلاجات الأمراض الجلدية كافة، وغيرها.
ما هو طموحك في هذا المجال وهل هناك مشاريع مستقبلية في المدى المنظور؟
أخطط للتوسّع وليكون عندي فروعاً أخرى فحالياً الفرع الذي افتتحته هو للسيدات فقط وأخطط ليكون هناك قسماً للرجال أيضاً، وذلك خلال الأشهر القليلة القادمة انشاءالله.
تتميز منطقة الخليج بجوها الحار عموماً ما قد يؤثر سلباً على البشرة، فهل هناك خطوات خاصة أو منتجات معينة تنصحين بها لسكان هذه المنطقة تحديداً؟
يجب أن يكون لدى كل سيدة 4 أشياء رئيسية، بغض النظر عن نوع بشرتها: مزيل الماكياج، وغسول للبشرة، ومرطب، وكريم للوقاية من الشمس، وعلى هذه المستحضرات أن تكون مناسبة للبشرة فلا يجب أن تكون البشرة جافة مثلاً ونستخدم منتجات للبشرة الذهنية، وهذا ينطبق على كافة المستحضرات. وإذا كان المريضة تعاني من أية مشاكل كالتصبغات عليها أن تعالج المشكلة. بالإضافة إلى ذلك على الأطفال والرجال أيضاً استخدام الغسول والكريم المرطب وكريم الوقاية من الشمس.
تعاونتِ مؤخراً مع بايوديرما أخبرينا عن هذا التعاون؟
إن عمر تعاوني مع بيوديرما يعود لأكثر من 20 عاماً، فأنا جربت مستحضرات هذه العلامة بنفسي ونتيجتها كانت رائعة وأنا أنصح بها كل مرضاي. فعلاً هناك مستحضرات يستخدمها مرضاي منذ أكثر من عشرين سنة، فمنتجاتهم ممتازة لا تسبب حساسية ولديهم منتجات متنوعة ولكافة الحالات من تصبغات، وحبوب، وللبشرة الحساسة، وللإكزيما وغيرها الكثير. ومؤخراً أرادت علامة بايوديرما أن تقوم بحملة توعوية وتثقيفية للمجتمع وذلك بسبب وجود الكثير من المعلومات الخاطئة على مواقع التواصل الإجتماعي، كي لا يصدق الناس كل كلام يسمعونه أو يرونه على هذه المواقع. وأنا أحب الثقافة ولا يمكنني أن أرفض أي تعاون له علاقة بالعلم والثقافة.
هل تعتقدين أن الناس في هذه المنطقة لديهم الوعي الكافي فيما يخص الاهتمام بالبشرة أم لا يزال هناك الكثير للتوعية حوله؟
مع أن أكثر الناس الآن متعلمين، إلا أن المشكلة هي أن الناس متأثرون بشكل كبير بالمدونين والفاشنيستا ومواقع التواصل الاجتماعي، وهؤلاء ليسوا بأطباء! وهذه مشكلة كبيرة جداً، ونحن نرى يومياً في العيادة مصائب بسبب أشخاص استخدموا منتجات نصحوا بها في مواقع التواصل الاجتماعي، فهم قد يثقون بالمدونة والفاشونيستا أكثر ما يثقون بالطبيب، وقد رأيت ذلك في كثير من مريضاتي. على الناس أن يعرفوا أن الكثير من المنتجات التي يتم الترويج لها مدفوعة الأجر بغرض التسويق، وهذا هو الوعي الذي نحتاج لتوصيله للناس.
مع تزايد عمليات التجميل وحقن البوتوكس والفيلر، برأيك أين يكمن التوازن والحد الفاصل بين فوائدها وأهميتها، وبين الاستغناء عنها لصالح العلاجات بالمستحضرات والتقنيات غير الجراحية؟
أهم شيء هو ألا يدمن المرء على هذه العمليات، فهي أشبه بدائرة مفرغة، عندما يبدأ المريض بها لا يتوقف. إلا أن الاهتمام الروتيني بالبشرة مهم جداً وأنا أنصح الأم أن تهتم ببشرة أطفالها منذ الصغر فالبشرة الجافة والتي لا يتمم ترطيبها قد تتسبب بمشاكل أكبر كالإكزيما. فالاهتمام بالجمال مطلوب على ألا يتحول إلى هوس فيبدأ المرء بتشويه نفسه، هناك الكثير من السيدات الجميلات اللواتي تشوهن بسبب العمليات، وبسبب نفخ الخدود والشفاه. أنا لست ضد هذه العمليات لكنني أرفضها إذا كان الشخص لا يحتاجها ويقوم بها فقط لأنها موضة. لكن الآن لا أحد راضٍ عن أنفه أو شفاهه أو شكل وجهه، وهناك أشخاص يقومون بتكسير ضلوعهم ليحصلوا على خصر نحيف وهذا أمر خطير جداً. إذا أرادوا الخضوع للعمليات يجب أن يكونوا بحاجة لها!
ما هي نصائحك للعناية بالبشرة خلال الصيف للسيدات والرجال على حد سواء؟
تجنبوا الشمس قدر المستطاع، وخاصة جلسات التسمير، فهي تسبب سرطان الجلد مع الوقت. والأمر الثاني هو ضرورة استخدام كريم الوقاية من الشمس، وبخاصة بين الساعة 9 صباحاً و3 بعد الظهر، فالشمس في هذه البلاد شديدة الحرارة، وما يضرنا ليست الشمس التي نراها بل الأشعة ما فوق البنفسجية التي لا نراها والتي تكون موجودة حتى في الداخل.