ملك الكوميديا الإماراتية علي السيد: طموحي أن تكون الإمارات مركزاً للستاند أب كوميدي في المنطقة
انطلق الفنان الإماراتي الكوميدي علي السيّد من دبي لتتوالى بعدها النجاحات، حتى لمع نجمه بسرعة البرق. بدأت مسيرته الفنية في عالم الكوميديا في عام 2008، ومنذ ذلك الوقت راح يحصد النجاحات المتتالية التي تتوّجت بألقاب مهمّة أبرزها “أكثر الناس إضحاكاً” في عام 2012، و”كوميديان العام” في 2016.
ساهم علي في تأسيس مدرسة للكوميديا، الأولى من نوعها في المنطقة، وهو لاعبٌ أساسي في سلسلة عروض “كوميدي عالواقف”، على قناة كوميدي سنترال. يختص البرنامج بفن الـ”ستاند أب كوميدي” في المنطقة العربية، ويشارك فيه العديد من الأسماء المعروفة عربياً في هذا المجال.
مستعيناً بموهبته المتميّزة، أدى علي السيّد عروضه الكوميدية على أهم المسارح في المنطقة والعالم، وكانت له مشاركات مميّزة في أهم مهرجانات الكوميديا العالمية، كان آخرها مشاركته في مهرجان مونترو للكوميديا في سويسرا. خلال تواجدنا في المهرجان، التقينا بالكوميدي الموهوب، وكان لنا معه لقاءً شيقاَ تحدّثنا خلاله معه عن مسيرته في مجال الكوميديا ومشاريعه، وطموحاته وأحلامه المستقبلية.
ما الذي شدّك إلى عالم الكوميديا الارتجالية؟
أنا أقوم ببعض عروض الكوميديا الارتجالية لكن أكثر ما أقوم به هو ما يُعرف بالكوميديا الهزلية أو “ستاند أب كوميدي”، والتي يتخللها بعض الارتجال لكن معظمها محَضّرة مسبقاً.
دخلتُ هذا المجال عن طريق الصدفة. وفي الحقيقة لم يكن حلمي أن أصبح كوميدياً في يوم ما، لكن كان عندي اهتمام بأن أتكلم عن بعض المواضيع، وأنا بطبعي أحب أن أضحك، وأحب متابعة الناس الذين يُضحِكون.
كنت أعمل في شركة، وعندما تركت العمل فيها أخبرتهم أن الكوميديا هي من الأشياء التي أقوم بها فاتصلوا بي لإحياء فعالية كانوا ينظمونها لـ 800 طبيب أسنان من جميع أنحاء العالم وكان هذا أول عرض أقوم به. ومنذ ذلك اليوم شعرت أنني وجدت المجال الذي أنتمي إليه.
تُعتبر الإماراتي الأول الذي يدخل هذا المجال، ما سبب عزوف الإماراتيين عن هذا المجال برأيك؟
الـ “ستاند أب كوميدي” فن أميركي، وقد انطلق هذا الفن في أميركا في الخمسينيات وانتشر بشكل كبير بين الثمانينيات والتسعينيات مع أسماء كبيرة مثل إدي مورفي، وريتشارد برايور، وغيرها من الأسماء المعروفة. وقد صلنا هذا الفن أكثر مع الاحتكاك المتزايد بالثقافات الأخرى عن طريق اليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأودّ أن أوضح أنني لست الكوميدي الأول في الإمارات، فهناك العديد من الممثلين الكوميديين على الشاشة أو على المسرح، لكن الـ “ستاند أب كوميدي” كان شيئاً جديداً ولا يزال كذلك تقريباً، وقد بات حالياً منتشراً بشكل جيّد في العالم العربي.
تلقت مدرسة Dubomedy للكوميديا التي أسستها أنت وزوجتك إقبالاً واسعاً. هل تعتقد أنكم في المدرسة تدرّبون الجيل القادم لملوك الكوميديا العربية؟
في البداية كنا ندرّس باللغة الإنجليزية لأن الـ”ستاند أب كوميدي” كان معروفاً لدى الأجانب أكثر لأنهم معتادون على هذا الفن في بلادهم، وتربوا عليه، وقد حصدت هذه الدروس شعبية كبيرة، وبعدها بدأنا باللغة العربية. طبعاً كان هناك الكثير من العرب في المدرسة إلا أن تقديم العروض كان باللغة الإنجليزية.
المجموعة العربية – أي الكوميديون العرب – هم الأكثر نشاطاً ولديهم حاجة ليتكلّموا ويعبّروا. والآن حتى الكوميديون العرب الذين يقدّمون باللغة الإنجليزية شعروا بأن تقديمهم باللغة العربية أحلى، لأن هناك مواضيع نحتاج ونرغب في مناقشتها كعرب، وبخاصة المواضيع الاجتماعية. المجموعة ممتازة، والكوميديون يقدّمون عروضاً كثيرة، ويحاولون دائماً أن يجدوا مواضيع جديدة لتقديمها.
بالإضافة إلى ذلك، صوّرت الموسم الثاني والثالث من برنامج “كوميدي عالواقف” مع كوميدي سنترال، وذهبنا إلى عدة دول منها الأردن ولبنان ومصر حيث نظّمنا ورش عمل لتطوير الـ “ستاند أب كوميدي”. في مصر قدّم حوالي 43 واحد في تجارب الأداء واخترنا البعض منهم ليصوروا معنا البرنامج، فهم لديهم القدرة والموهبة، لكن على قولهم “يتكلم على حتته”، أي أنه يتكلم عن أشياء تهم المصريين فقط. وكنا نحاول أن نشجعهم على تناول مواضيع أشمل تهم العالم العربي ليصلوا لباقي الدول العربية.
ففي السابق، كانت الكوميديا في العالم العربي عن طريق المسرحيات أو البرامج الكوميدية مثل CBM ، وكنا نتابعها ولم يكن يهمنا إذا كان الكوميدي لبناني أو مصري أو غيره. لكن أصبح هناك تفرّعاً في السنوات العشر أو الـ15 ، الأخيرة ونحن نحاول أن نوسّع الملعب للكوميديين الجدد.
كيف تحَضّر فقراتك أو موادك، وما هو مصدر إلهامك؟
كل شيء أتكلم عنه تقريباً نابعٌ من تجربة مرّيت بها شخصياً، فالكوميديا تجارب شخصية وهي أيضاً آراء. فعلى سبيل المثال، إذا قرأت مقالة ما في الجريدة قد تثير غضبي في البداية، ثم أحاول أن أعبّر عن رأيي في هذا الموضوع الذي قرأته من خلال الكوميديا. لذلك، يمكنني القول أن كل موضوع أتكلم عنه هو موضوعٌ يهمني شخصياً.
شاركت مؤخراً في مهرجان مونترو للكوميديا بسويسرا، كيف وجدت الإقبال ورد الفعل على عرضك، علماً بأن السويسريين معروفين بجفائهم نوعاً ما؟
عندما أقدّم عروضاً خارج الدولة أو خارج منطقتنا، أعتبر أن لدي مسؤولية. فهناك نظرة مسبقة كوّنتها المجتمعات عنّا هناك، ولديهم علبة وضعوا فيها آراءً كثيرة وأحكاماً مسبقة، وعندما أكون على المسرح، وأقول “أنا عربي، أنا مسلم”، سيأخذونني أنا أيضاً ويضعوني في هذه العلبة! أنا أحب أن أذهب وأكسر بعض هذه الأفكار.
قد يكون السويسريون فعلاً جافين، لكنهم ضحكوا وتفاعلوا معي. وإن كان هناك لحظات ولقطات في العرض فيها صمت، فذلك لأنني أحاول أن أوصل لهم شيئاً جاداً قبل أن أقدّم لهم النكتة.
لا أقول بأن كل كوميدي يجب أن يكون كذلك، ولا أقول بأنني سأنقذ العالم لكنني أشعر بأن لدي مسؤولية بأن أمثل جزءاً من المسلمين أو العرب بطابع جاد بعض الشيء وإيجابي في الوقت نفسه.
كنت الممثل الوحيد عن المنطقة العربية في المهرجان، هل أشعرك ذلك بثقلٍ ما؟
هناك طريقتين، قد نشعر بأن هذا ثقل أو قد نشعر أيضاً بأن هذا شرف.
أنا أعتقد بأن هذا الوقت مهم جداً، فهناك الكثير من الأشخاص السلبيين في الإعلام الغربي والذين يشوهون الصورة الحقيقية. إن زوجتي مثلاً أميركية، وعندما أذهب إلى أميركا أجد بأن لدى الكثيرين انطباع مسبق، وقد يوجّه لي البعض أسئلة على نمط “لماذا أنتم كذا وكذا؟”. للإجابة على هذه الأسئلة، أنا أفضل الشرح، وليس هناك طريقة أسهل لشرح موقف أو موضوع صعب من الكوميديا، لأن الجمهور يضحك فيتقبّل أكثر.
لذلك، عندما أُدعى إلى هذه المهرجانات وأقوم بعروض خارج الدولة أو خارج منطقتنا أشعر بأن هذه فرصتي، فقد أعطوني مسرحاً ومنصة ومياكروفون و10 دقائق من الوقت، فما الذي سأقوم به؟
يأتي مهرجان مونترو للكوميديا إلى دبي مجدداً هذا العام ولكن للمرة الأولى سيتضمن فقرة عربية، حدثنا عن مشاركتك في نسخة دبي؟
سأقدّم عدّة عروض خلال المهرجان، فهناك العرض الإنجليزي، الذي سيكون الدخول إليه بتذاكرلأن هناك كوميديين من خارج الدولة لكن العرض العربي سيكون بعد العرض الفرنسي لمدة ساعة أو ساعة نصف وسيكون هناك 7 أو 8 من الكوميديين العرب.
ماذا عن الأسماء العربية الأخرى التي ستشارك في المهرجان؟
الأسماء العربية التي ستكون موجودة هي لطلبة عندي في المدرسة وكمجموعة بدأوا يقدمون عروض الـ “ستاند أب كوميدي” في شهر أغسطس. ستكون الفقرة العربية مجانية أمام الجمهور ولن يكون عليها تذاكر لأننا نرغب في إيصال هذا الفن للعرب.
وكما ذكرت سابقاً، في السابق كان هناك برامج مثل CBM وكان يقدّم كوميديين من لبنان ومن مصر وآخرين من السعودية وكانوا كلهم يُضحكون الجمهور. لذلك، أحب من خلال هذا المهرجان أن نوصل الكوميديا للجمهور العربي.
من من المشاركين تتطلّع للقائه أو حضور فقرته؟
الجميل في مهرجان مثل مونترو أن لديهم أسماء ليس من الضروري أن نعرفها، فهناك مشاركون من كندا وناس من بريطانيا وآخرون من سويسرا من مونترو نفسها. وبالتالي هناك دائماً تنوعاً جميلاً وهذا من أحلى الأشياء التي يقدمها مهرجان مونترو، فعلى سبيل المثال عندما كنت هناك كان هناك كوميدي من أيسلندا وكان هناك أميركيون وكوريون وكوميديون من جنوب أفريقيا. إلا أن الفنان الأيسلندي لفت نظري، فأيسلندا فيها 300 ألف شخص فقط، وأصلاً ليس عندهم ليل فمتى يقدمون عروضهم؟ّ!
تعجبني فكرة أن أتعرف على كوميدي له وجهة نظر مختلفة تماماً عن وجهة نظري، وجهة نظر أنا لم أسمعها من قبل. كجمهور، نحن دائماً نبحث عن الأمور المضحكة ولا نفكر في الأشياء الأخرى، لكن بالنسبة لي ككوميدي يهمنى أن أرى كوميديين من أماكن غريبة نوعاً ما، أو من أماكن نحن غير معتادون عليها.
كيف ترى مستقبل الكوميديا في الإمارات؟
أعتقد أن الرحلة خلال السنوات الـ 5 أو 6 سنوات المقبلة ستكون جميلة. وطموحي أن يكون مركز الكوميديا في الإمارات لأن عندنا كوميديين بارزين وكثير من المواهب الواعدة التي ستنطلق من الإمارات انشالله.
هل هناك كلمة أخيرة تحب أن توجهها لقرائنا؟
أحب أن أشجع الناس ليأتوا ويشاهدوا المهرجان لدعم المواهب المحلية. وكما قلت لكِ، الكوميديون العرب الموجودون يقدمون عروضاً بشكل دائم في دبي وقد بدأنا ” Dubomedy بالعربي” لتقديم عروض ستكون كلها بالعربي، ونتمنى من الجمهور أن يساندنا في هذه الرحلة
تقرأون