سلمى بنعمر “قصتي مع القفطان”
تجد الصدف طريقها إلى حياتنا، لتدخلها وتبعثرها كما تشاء! هذا ما حصل مع سلمى بنعمر، التي كانت تشغل منصباً إدارياً في إحدى الشركات في مجال المال والأعمال في باريس والتي وجدت نفسها فجأةً في دبي، ووجهاً لوجه مع حلمها وشغفها الحقيقي. فما كان منها إلا أن تغتنم الفرصة، وتنطلق إلى آفاق لم تكن لتتخيلها في السابق. في دبي، حيث لا يوجد مستحيل، حققت سلمى لنفسها نجاحاً كبيراً ورسمت خطاً واضحاً في تصاميم القفطان المغربي الذي أبدعت فيه، فساهمت بإيصال جماله وفرادته إلى العالم أجمع.
حدثينا أكثر عن سلمى بنعمر.
باختصار أنا سيدة أعمال، صاحبة دار القفطان المغربي مقيمة بدبي. أنا فتاة مغربية المنشأ، زوجة وأم لطفلين، أحمل لواء القفطان، الموروث الثقافي المغربي. تمزج علامة سلمى بنعمر والمعروفة بالأحرف اللاتينية SB ما بين البساطة الخلاقة والتميز في الابتكار والإبداع مع المحافظة على ما هو تراثي وتقليدي . وبفضل من الله وبتوفيق منه تمكنت من تأسيس دار القفطان التي تحمل إسمي لتكون عنوان لكل النواعم المتيمات بفرادة القفطان وأناقته وجماله للتعريف من خلاله بتراث بلدي العريق وبنكهة عصرية، مستعملة أفضل وأفخر الأقمشة والأثواب، بشكل متجدد ومبتكر، حارصة كل الحرص على أن تكون جميع تصاميمي محط إعجاب وتقدير الجميع، ومانحة القفطان مكانة لائقة به.
كيف بدأ شغفك بالقفطان المغربي ؟
قصتي مع القفطان، قصة طويلة كانت بدايتها في الطفولة، حيث كنت أقضي أوقات فراغي في تصميم وابتكار ملابس وأزياء للعرائس والدمى، وقد زاد شغفي وكبر معي عندما بدأت أتعلم إتقان فن التطريز والخياطة. في ذلك الزمن الجميل كانت كل الأسر المغربية تحرص على أن تتعلم بناتها فن التطريز والخياطة مع الحفاظ على العلم والدراسة وتعلم “الصنعة ” كما يقال عندنا في المغرب.
وهكذا كان الحال بالنسبة لي، جاءت وتوالت الأيام وسافرت إلى فرنسا لمتابعة دراستي الجامعية حيث حصلت على الماجستير في إدارة الأعمال، ثم بدأت العمل في مدينة الأنوار كمستشارة في مجال المال والأعمال بإحدى الشركات الفرنسية، بالإضافة إلى متابعتي التطريز والخياطة وعدم الانقطاع عنه.
وكيف تحوّل ذلك الشغف إلى علامة تجارية خاصة بك؟
يُقال:” رب صدفة خير من ألف ميعاد”، وينطبق هذا القول عليّ تماماً .
حيث شاءت الصدفة أن يلتحق زوجي بعمل جديد في دبي، وطبعاً انتقلت معه إلى هنا من باريس، تاركة عملي بعد تقديم استقالتي. بتواجدي في دبي حيث طاب المقام، دقت ساعة الميعاد. الميعاد مع ذلك الحلم الذي طالما راودني ألا وهو الإبداع في مجال القفطان. بفضل إلحاح عماتي “رحمة الله عليهن” اللواتي كنّ بمثابة مدرسة لي تلقيت كل أسرار حياكة القفطان، حياكة مكنتني من أن أكون اليوم علامة تجارية ساهمت وتساهم بالارتقاء بالقفطان المغربي ليبقى متربع على عرش الأناقة والجمال.
دخلت هذا المجال، مع العلم بأن القفطان المغربي متواجد بكثرة في السوق الخليجي، فهل أخافك ذلك؟
بالطبع لا… بل خلق لديّ روح المنافسة والتحدّي، وهذا شيء أفخر وأسعد لسماعه لأنني استطعت من خلال تصاميمي أن أصل لقلوب الكثيرين وأن ينال عملي إعجابهم. حتى أن تصميماتي وصلت للسجادة الحمراء وأصبحت ضمن الخيارات الأولى لإطالات النجمات والمشاهير والفنانات العربيات والخليجيات في حفلاتهن الخاصة والعامة.
برأيك كيف ساعدك إنطلاقك من دبي للوصول إلى ما أنت عليه اليوم؟
تواجدي في منطقة الخليج وفي دبي تحديداً أتاح لي فرصا كبيرة لم أكن قد رسمتها في مخيلتي من قبل، وذلك لجمال وروعة البيئة التي تحيط بي وثقافة المجتمع الإماراتي وإلمام المرأة الخليجية بجميع خطوط الموضة والأناقة .
كيف يختلف قفطان “سلمى بنعمر” عن غيره من القفاطين المغربية ؟
تتميز القفاطين المغربية التي أصممها من حيث التطريز اليدوي والأقمشة. فأنا لا أعتمد استخدام الأقمشة العادية إنما أقوم برحلات لباريس أو لبلدان أخرى لأنتقى أفخر أنواع الأقمشة التي تعطي لمجموعتي وتصاميمي حقها في الشكل والتصميم.
كذلك البساطة هي من أكثر الأمور التي تجعل تصاميمي مختلفة بعض الشيء، فأنا أحب أن أطلق العنان للقماش والقصات لتثبت جمالها ورقيها. ومن الممكن أن أعتمد الشك والتطريز وأدخل التفاصيل في بعض منها لكن بشكل خفيف لا يفقد القطعة روعتها وتبقى في إطار البساطة والأناقة. أما القفطان التقليدي فيبقى له حلته ومركزه ولا يمكن الاستغناء عنه وهو معروف بأنه الرداء الأنسب للمرأة الأنيقة.
أنت تطلقين أكثر من مجموعتين في العام الواحد، فمن أين تستوحين الأفكار لإبداع مجموعات جديدة؟
من كل شيء حولي، الإلهام لا حدود له فيمكن أن يكون في الطبيعة أو في رحلاتي وسفري، أو في ألوان الزهور، أو في شخصية معينة. الإلهام موجود في كل مكان من حولنا، لذلك تجد أفكاري دائمة التجدد والابتكار وأحيانا خارجة عن الإطار المألوف للقفطان المغربي. أستلهم كثيراً من الطبيعة فأنا أعشقها بكل ألوانها وفصولها وهذا يظهر واضح في التفاصيل التي أعتمدها في القفاطين وألوانها.
عشت في باريس عاصمة الموضة العالمية، فكيف أثر ذلك في تصاميمك؟ وهل كان لدبي أثراً في تصاميمك أيضاً؟ً
لا أخفيكم سراً إذا قلت أن المدة التي قضيتها في باريس، مدينة الأنوار، مدة ليست بالهينة أو القليلة، فهي منحتني الكثير من الفرص حيث توغلت بمجالات إبداعية عدة مثل الفنون بجميع أنواعها والموضة وعالمها خاصة بالمجال الذي يخص التفصيل وأنواع الأقمشة والأثواب المستعملة من قبل كبار المصممين والمصممات.
ولا بد من الإشارة إلى أن باريس لعبت دوراً هام في انفتاحي على عالم الموضة بكل معالمه وتجلياته، وأن دبي كانت بمثابة الشرارة الأولى التي أنارت الطريق لي لأصبح إسماً وتوقيع له صداه في العالم العربي يجعل من القفطان المغربي ملتقى الإلهام وعنوان للأناقة، والفخامة والجمال.
يتمتع القفطان المغربي بشعبية كبيرة بين سيدات الإمارات والخليج بشكل عام، لم ذلك برأيك؟
لأن جميع مقاييس الأناقة والرقي التي تبحث عنها المرأة الخليجية تتوفر فيه و بقوة خصوصاً أنه يدمج الحشمة والأناقة وهو بمثابة تراث نعتز به لكن بنكهة عصرية كلياً . ولأن المرأة الخليجية تهوى الموضة بكل أنواعها وعادة ما تفضل الطويل والواسع، فبالتاكيد سيكون القفطان أولى اختياراتها.
ما الذي يدفع سلمى بنعمر للاستمرار ويحفزها؟
محبة الناس وإعجابهم بأعمالي وتصاميمي التي أقدمها لهم، فإقبالهم على شراء القفطان المغربي وحرصهم على ارتدائه يمنحني رغبة عارمة في الاستمرار وتقديم المزيد. هذا وأن الإطراء الذي أسمعه من حين لآخر مِنهم هو أكبر محفز ومشجّع لي لأن رأي الجمهور والسيدات هو ما يهمني. أكون بمنتهى السعادة والفخر عندما أوفر لهم ما يليق بهن ويرضي أذواقهن.
وبصفتي مغربية وأمثل بلدي، فأنا على يقين أن ثقافة القفطان المغربي يجب ألا تتوقف عند حد معين وهو شيء نفيس لا يقدر بثمن يجب على الأجيال أن تتوارثه وهذا هو دوري كمصممة قفطان أن أقوم بتقديمه بطريقة مبتكرة عصرية تمثل له نقلة بل قفزة نوعية في جميع المجتمعات العربية والخليجية.
لكلّ سيدة أعمال طموح معين، فما الذي تطمحين إليه؟
بالتأكيد مازال هناك الكثير الذي أحلم به وأتوق لتحقيقه، فبعد أن أوصلت القفطان المغربي لشهرة على مستوى العالم العربي والشرق الأوسط ، أطمح لأن يصل إلى دول العالم الأخرى، ومن مخططاتي المستقبلية كذلك أن اتجه وابدأ في تصميم خط جديد كقطع جاهزة Ready to wear
تقرأون