نتباعد اليوم، لنتلاقى غداً
في كلّ عدد ترحب رسالة التحرير بقرّاء مجلة أوقات دبي، فإما تعرّفهم بمحتوى العدد الذي بين أيديهم، أو تكون مرآة تعكس بعضاً من الخواطر، ولكن الشيءالذي لا يختلف من عدد لآخر، هو الجملة الأخيرة التي ضمتها كافة رسائل التحرير في جميع أعداد المجلة منذ بدء صدورها، وحتى صدور آخر عدد مطبوع لها في شهر مارس الماضي، ألا وهو “على أمل اللقاء بكم في العدد المقبل.” أكتب ذاك السطر بشكل تلقائي كلّ عدد، بلا تعمّق في التفكير، وبدون أن أتخيّل بأن ثمة ما سيمنعنا من اللقاء في العدد المقبل، ولكن ها قد حصل ما لم يكن في الحسبان.
واقع جديد فرض نفسه علينا، ودمّر كثيراً مما نعرفه. أعاد ترتيب أولويات حياتنا جميعها، في بداية الأمر كان الموضوع أشبه باستراحة محارب، رأينا فيها أن الناس عادت إلى منزلها كما السلحفاة، وابتعدت عن صخب الحياة المثقلة بالواجبات واللقاءات والبعيدة نوعاً ما عن التواصل النفسي والذاتي. فترة توقعنا زوالها بسرعة، ولكن شيئاً فشيئاً بدأ الموضوع يطول، ويأخذ منحىً جدياً لم نكن لنتوقعه أبداً، حتى بات الواقع الجديد هذا يسدل بظلاله الثقيلة علينا وعلى المجتمعات من حولنا.
بعد حوالي شهرّ من العيش تحت رحمة كورونا، وقبل بداية الشهر الكريم بدأ الجميع يتساءل، كيف سنعيش هذه الأيام الاستثنائية في ظلّ هذا الوباء الثقيل؟ هل سيخلو رمضان من التجمعات الأسرية التي يختصّ بها؟ كيف سنعيش تفاصيل هذا الشهر وتقاليده الدينية وصلاتي التراويح والقيام؟ كم سنفتقد تزاور الجيران وشرب الشاي بعد الإفطار!
لم يكن ليبدأ الشهر حتى أعلنت الحكومة بدء المرحلة الأولى من رفع الحظر، لقد بات بإمكاننا تنفس الصعداء وزيارة بعضنا البعض ولكن بمسؤولية! حيث علينا أن نعي بأنه ما أن دخلنا في هذه المرحلة حتى وضعت الحكومة المسؤولية علينا نحن. وهذه المرحلة المقبلة هي التي ستبرهن إن كنا على قدر المسؤولية، أم أننا سنخيّب الآمال وندفع نحن ومن حولنا ثمن جشعنا في الخروج وجهلنا بأهمية الالتزام بالتعليمات.
لا أحد يمكن أن يكون بطلاً لوحده، جميعنا نحتاج لأن نكون يداً واحدة في وجه الخصم، وهذه الأيام نلعب أصعب مباراة في تاريخنا، مباراة تريد الإمارات حكومة وشعباً أن تفوز بها، لذا فلنلتزم بأوامر المدرّب، ولنحترم مسافات الأمان، ولا نخرج متسللين أو مغافلين، حتى وإن بدا لنا بأن الخصم غير موجود، إلا أنه أخطر بكثير مما نتوقع، فهجومه شديد جداً. فلنخض هذه المباراة سوياً لأن روح الفريق في الإمارات أقوى من أي جائحة! فلنتباعد اليوم لنتلاقى غداً.